· اذا حدث الحمل أثناء أرضاع الطفل يجب التوقف عن الرضاعة الطبيعية لأن الحديث النبوي حذر من هذا
· الرسول أطلق علي لبن الأم الحامل لطفلها اسم الغيل لأنه يغتال الطفل
حذر
د. محمد المليجي أستاذ ورئيس أقسام التوليد بكلية الطب جامعة القاهرة من
إرضاع السيدة الحامل لطفلها ونصح السيدات بتجنب حدوث الحمل أثناء فترة
الرضاعة، وإذا حدث الحمل عليهن وقف الرضاعة فورا وإلا قتلن أطفالهن.
وأكد
المليجي أن هذا الأمر حذر منه الإسلام وأكده الطب الحديث مشيرا إلي حديث
رسول الله صلي الله عليه وسلم: «لا تقتلوا أولادكم سرا فوالذي نفسي بيده إن
الغيل ليدرك الفارس علي ظهر فرسه حتي يصرعه».
والغيل هنا «بالفتح» هو لبن الأم المرضع إذا حدث لها الحمل أثناء الرضاعة وسمي بالغيل لشدة ضرره فكأنما يغتال الطفل ويفتك به!
وأراد
سيد الخلق «صلي الله عليه وسلم»، وهو الذي أوتي مجامع الكلم أن يبين لنا
في هذا الحديث الصحيح أن المرضع إذا حملت فسد لبنها وأصبح أشبه ما يكن
بالسم البطئ، فينهك الولد إذا اغتذي بذلك اللبن فيصبح خاويا حتي إذا ما بلغ
مبلغ الرجال وصار فارسا وركب الخيل فركضها، أدركه ضعف الغيل، فزال وسقط عن
متونها فكان ذلك بمثابة القتل له، غير أنه سر لا يري ولا يشعر به، حتي إن
العرب تقول في الرجل تمدحه: «ما حملته أمه وضعا ولا أرضعته غيلا».
وكلمة
سرا هنا - في قتل الطفل - غاية في الاعجاز، فهي إعجاز لغوي وعلمي أيضا،
وذلك لأسباب ثلاثة: أولها: أن الأم الحامل التي ترضع وليدها لا يلحظ أحد
أنها حامل، واللبن الفاسد الذي ترضعه لوليدها قد فسد سرا، فلا يعلم بفساده
وخطورته علي الرضيع إلا الله سبحانه، حتي الأم نفسها لا تدري أن اللبن قد
فسد، كذلك عندما يظل تأثير هذا اللبن الفاسد بحيث يؤثر في الرضيع مدي
الحياة فيضعفه نفسيا وعقليا وصحيا، إلي درجة أنه قد يودي بحياته علي المدي
البعيد، فأيضا لن يدرك أحد - بل لن يتخيل أحد بعد سنوات طويلة- أن اللبن
الفاسد هذا هو سبب هلاكه إلا المولي عز وجل فأصبح ذلك أيضا سرا لا يدرك.
ويعتبر
لبن الأم المصدر الرئيسي لتغذية الطفل، وهو الطعام المثالي له خلال السنة
الأولي من عمره، ذلك لأنه يعطيه أفضل ما يمكن لنموه الطبيعي عامة والذهني
بصفة خاصة، علاوة علي فوائده المناعية والنفسية حيث يتكون إلي جانب الماء
89% منه، من ثلاثة مكونات هي المواد الكربوهيدراتية وتصل إلي حوالي 6%
والمواد الدهنية وتصل إلي حوالي 4% والبروتينات لا تشكل أكثر من 1% من
مكوناته وأوضح أنه بالنسبة لبروتينيات لبن الأم فهي تصنع في داخل الثدي
نفسه ومن إعجاز الله سبحانه ولطفه ورحمته أن هذا النوع من البروتينيات لا
تتأثر بكمية البروتينيات التي تتناولها الأم ما يعني أنه حتي لو كانت الأم
فقيرة أو غير ميسورة الحال يظل لبنها يوفر البروتين اللازم لنمو الطفل وذلك
حفاظا علي حياته ونموه ككل، فلا ارتباط لبروتين لبن الثدي بتغذية الأم.
وثبت ذلك حتي في أوقات المجاعات حيث وجد أن لبن الأم تظل كمية البروتين به ثابتة غير متأثرة بالمجاعة.
أما
بالنسبة للمواد الكربوهيدراتية في لبن الأم نجد أن اللاكتوز «سكر اللبن»
يشكل 90% من هذه المواد الكربوهيدراتية الموجودة بلبن الأم واللاكتوز له
أهمية قصوي في نمو الطفل عامة والجهاز العصبي علي وجه الخصوص والمواد
الكربوهيدراتية لها أيضا أهمية كبري في الموصلات داخل الخلايا وبين الخلايا
بعضها البعض، ولذلك إذا انخفضت نسبة اللاكتوز في لبن الأم فإن ذلك حتما
يؤثر تأثيرا بالغا علي نمو الطفل، وهكذا كانت هناك العلاقة طردية بين مستوي
لاكتوز اللبن وحجم المخ في الأجناس المختلفة، ولما كان مخ الإنسان البشري
هو الأكبر حجما لم يعد ذلك غريبا، إذ أن ذلك يعكس ببساطة نسبة اللاكتوز
الأعلي الموجودة في لبن الأم المرضع.
وعن
الدهون في لبن الأم قال رئيس أقسام النساء والتوليد إنها تعد مصدرا مهما
للطاقة إذ تعطي الطفل أكثر من 50% من السعرات الحرارية اليومية التي
يحتاجها وعلاوة علي ما توفره من حماية للطفل من الفيروسات والطفيليات
والمحافظة علي الوظائف الحيوية للخلايا وكذلك لها أهمية بالغة في نمو
وتكوين وعمل المخ والجهاز العصبي ككل خاصة إذا علمنا أن حجم المخ في أول
سنة من العمر يصل إلي ثلاثة أضعاف حجمه عند الولادة، وقد وجد أن 60% من هذا
النسيج الذي يتضاعف يتكون فقط من المواد الدهنية.
وتابع:
لكي اتبين الحكمة من هذا الحديث الشريف أجريت دراسة علي ستين سيدة بعضهن
مرضعات حوامل والأخريات مرضعات لسن بحوامل وحللت لبن الثدي فيهن لمعرفة إلي
أي مدي يحدث تغير في مكوناته وفوجئت بأن نسبتي اللاكتوز «سكر اللبن»
والدهون انخفضتا وبصورة احصائية ملحوظة في لبن الأم الحامل فالحمل إذن أضعف
هذين المكونين الهامين ولما كان لهذين المكونين أثر بالغ وأهمية قصوي من
حيث نمو المخ والجهاز العصبي خاصة بل وسائر أنسجة الطفل الأخري فصدق رسول
الله صلوات الله وسلامة عليه والذي لا ينطق عن الهوي في نصيحته البالغة
وتحذيره المهم ذلك بأن تتجنب الأم ارضاع وليدها نهائيا إذا كانت حاملا فإن
الطفل الذي يرضع من هذا اللبن يشب ضعيفا هزيلا خائر القوي جبانا مفتقرا
لكمال الجسم والعقل والنفس إلي درجة أنه لا يستطيع أن يتماسك ويستقر فوق
جواده لافتقاره القوة البدنية واتزانه العقلي والنفسي فيسقط علي الأرض وقد
يموت ذلك أنه قد أدركته ضراوة الغيل الذي لا يرحم.