sahiro عضو ذهبي
عدد المساهمات : 1248 العمر : 35 المزاج : الحمدلله المهنه : الهوايه : النقاط : 58468
| موضوع: عندما يتحدث السائق (قصة قصيرة رمزية) الأربعاء أبريل 08, 2009 2:34 pm | |
| تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
حسناً .. لقد جلست فى مكانى المفضل بجوار النافذه وخلف السائق مباشرةً حيث أبقى هادئاً فى حالة تأمل إلى كل ما تقع عليه عينى طول الطريق وخلال الفتره التى سأقضيها فى تلك العربه متجهاً الى عملى .
عند دخولى هذه السياره (الميكروباص) لفت نظرى أمران .. الاول: هذا السائق ممتلىء الجسد وعلى وجهه ابتسامه هادئه وساخره فى نفس الوقت ، كان يحتضن عجلة القياده بين يديه ينظر يميناً ويساراً ولكنه على عكس الكثير من السائقين لا ينظر خلفه ليرى اذا كانت السياره امتلئت أم لا ؟؟ الامر الثانى: الذى لفت إنتباهى وهو – من حسن الحظ – خلو السياره تماما من الجنس الاخر فكل ما تحويه رجالاً فى مثل سنى أو أكبر .
انطلقنا بحمدلله وكما تعودت بدأت الاحاديث الجانبيه بين الركاب والتى فى الأغلب تكون رياضيه تحديداً فى شأن كرة القدم وبدأ القليل منهم فى تشغيل هواتفهم المحموله لسماع الاغانى او الاستمتاع بالالعاب الإلكترونيه ،، أما انا أخذت أفعل ما أفلعه كل يوم وهو البقاء مائلاً على النافذه فى حالة تأمل عميق لا أبالى بمن أمامى او خلفى او جوارى وكأنى فى عالم اخر وهذا ما أظنه يُهون علي طول الطريق ومشقة السفر .
ظل الوضع كما هو عليه حتى توقفت السياره فجأه !! وصمت الجميع واغلقت الهواتف المحموله ولم أسمع أثناء هذا الصمت الرهيب سوى همهمة السائق التى لم أفهم منها شيئاً سوى تلك الجمله .. (بلد ملهاش كبير) . وكان يتلفت بسرعه فى غضب خشيت منه على نفسى وعلى من حولى بالاضافه الى خوفى على العربة نفسها .
بعد هذا الموقف انتهيت تماماً من حالة التأمل التى كنت أعيشها وأخذت أتابع الامور حولى ، بدأ السائق فى حوار جانبى مع اثنين من الركاب يجلسان بجواره على المقعد الامامى وكانا صوتهم منخفض إلا أن السائق كان يملك صوت أجش أدركت منه أن الحوار سياسى بحت وهنا قلت فى نفسى (حتى السواقين هيتكلموا فى السياسه) .
لكن سرعان ما استقرت بعض الكلمات فى عقلى وفهمتها الفهم الصحيح وإذا بهذا الرجل ينطق بلسان حكيم ،، ولم يجرؤ أحد من الركاب خلفه من التحدث فى أمور أخرى بقى الجميع مستمعاً إلى هذا السائق وإلى هذا النقاش السياسى إلى أن قطع هذا الصمت شاب يجلس فى المقعد الخلفى .
نظرت خلفى فوجدت شاب تبدو عليه الملامح الثوريه وهو يقاطع السائق معترضاً على بعض كلامه ،، وهنا تخيلت بشكل هزلى إرتطام السياره بشىء ما أو قيام السائق بطردنا جميعاً فى منتصف الطريق ، لكن على عكس ما تصورت فقد تقبل هذا السائق -غليظ الملامح- كلام هذا الشاب الثورى واعتراضه عليه بل وأخذ يناقشه فى رأيه .
كان الحديث عن الحصار الاسرائيلى لغزه وموقف مصر من ذلك .. لكن السائق بذكاء يُحسب له انتقل بالحديث ايضاً عن أحوال أخرى منها فوز مصر بكأس الامم الافريقيه وقام بربط هذا الحدث بالواقع الاجتماعى والسياسى ولم ينسى القضيه الأم وهى حصار غزه .
عندما بدأ الحديث عن كرة القدم ، كمان توقعت وكما كان يخطط السائق ، بدأ الجميع فى المشاركه بآرأهم وتحولت العربه إلى غرفة نقاش جميل بشكل جاد وهادف فى جو أقل ما يوصف بأنه ديمقراطى .
نظرت إلى حالنا الآن وتلك الحاله التى كنا عليها فى بداية الرحله ، حيث بدأ الوضع يتغير بصدمه ، ثم بغضب السائق ، فحوار ، وتلى الحوار معارضه ، وتقبل غير متوقع من السائق لهذه المعارضه ، فنقاش عام ديمقراطى .
يا له من سائق ذكى!! ..... حقاً انبهرت بشخصية هذا الرجل وبقى الآن أن أنظر الى نفسى ،، فأنا الوحيد الذى بقى صامتاً لا يشارك ولا يتفاعل ، نعم لدى من الكلام ما أود ان اقوله لكنى بقيت خائفاً خجولاً ساكتاً.
أخذت أتردد كثيراً .... ها أنا سأتكلم ولم لا ؟؟ النقاش حولى فيه روح جميله لم أشهدها من قبل فالكل يحترم الاخر ،، وهنا .. وهنا فقط قد وصلت إلى مكان العمل لتنتهى هذه الرحله الغريبه الشيقه التى كنت فيها سلبى لم أضف لمن حولى شيئاً ولكنى استفدت الكثير .
وفى تعجب من نفسى .. نظرت الى مقعدى متسائلاً هل من سيجلس مكانى على نفس المقعد سيبادر بالحديث وإبداء رأيه ؟! ام سيبقى خائفاً متردداً وصامتاً .. عندما يتحدث السائق ؟؟! انتهت
بقلمى | |
|