حينما يبكي الإنسان على أمجاداً مضت .. وأزمانٍ ولّت .. وأيامٌ خلت .. لا يُنهكـ بهذا إلا نفسه .. لأن بكائه لن يُرجع له مجدُهـ .. لكن قد يكون بالبكاء نتداركـ أمجاداً مازالت موجودة بيننا .
إن الأمجاد التي هي بحاجة لبكائنا في مقدمتها مجد هذهـ الأمة الإسلامية .. والذي حينما كان هذا المجد قمة يتسابق إليها الشرفاء والعقلاء والحكماء وسادات المجتمع .. أصبح مجد هذهـ الأمة مسرحاً يُكرم عليه كل ساقط ولاقط ومازال الخير بهذهـ الأمة .. فالخير قائم لقيام الساعة .
ثم لنبكي على شبابٍ علّقت الأمة أمالها بالله ثم بهم .. هاهي تجد من أمّلَت بهم يقودونها للهاوية .. شباباً لطالما كانت أمالهم بلوغ العُلا ، والسير على هدي الأنبياء وصحبه الفضلاء ، و الأخيار والتابعين النبلاء ، والمشائخ والعلماء ومن بهديهم يُهتدى .
هاهم يتهافتون على منصات العري وبيوت الخنا وأماكن الرقص والغناء ..
إن النفس لترضى بإذلال العين .. مادامت تسكب دموعها على ماضٍ حافلٍ بالعفة والكرامة والحشمة والسمو والرفعة .. بماضٍ للمرأة المسلمة .. كانت تلبس حجابها لطهارتها ونقائها وإيماناً بأنه عبادة .. هاهم اليوم يجعلونها موضة وسلعة ..
إن الحجاب الذي كان الهدف منه صيانة النفس البشرية الأنثوية وحفظها .. هاهو اليوم يُسوق الزينة والفتنة التي تجلب للنفس البشرية الأنثوية المشاكل عليها ..
أصبحت المرأة مدخلاً يغزوا فيه الغرب وأتباعه وشياطبنهم الإنسية المرأة المسلمة .. يغيضهم حيائها وعفتها وطهارتها .. يغيضهم حفاظها على حجابٍ لطالما تمسكت به وتفاخرت .. أوهموها بأن حجابها من أساطير الأولين .. وعدم الإختلاط وحرمانها من التسكع مع الأجانب عنها من التشدد بالدين ..
إن كانت من عاقلة بيننا تسمع لتلكـ النداءات .. وتعي ما يتفوهـ به زُعماء التحرير وأصحاب الشهوات .. فلتسألهم سُؤالاً :
ماذا نفع المرأة التي في الدول المجاورة لنا تحررها المزعوم؟!!
لم يكن تحررها إلا تحرراً أخلاقياً جعل النفس المكرمة العفيفة المصونة سلعةٌ للإغراء .. وكبش يُنصب للمجرمين والأعداء ..
بعدما كانت في بيتها تحفها رعاية أبوية .. ثم رعاية مكرمة زوجية أشبه بالحياة الملكية .. هاهي تتسكع في كل حانة .. وكل يوم في خلوة ..
إني وإن حصرت البكاء على هذهـ الأمجاد .. فإني لا أبكي على مجتمع .. وإنما أبكي على فئة من مجتمعنا .. مهما تخلفوا عن ركبنا .. أو سبقتهم خُطانا .. فإنهم والله غالين على قلوبنا .