أدرك بايرن ميونيخ أخيرا عن طريق أكثر الطرق قسوة وألما في ساعة الخزي العظيم من مساء الأربعاء أنه تفصله سنوات ضوئية عن بلوغ قمة كرة القدم الأوروبية.
فمع حصوله على لقب بطل أوروبا أربع مرات، مازال بايرن ميونيخ يعتبر نفسه من اللاعبين الكبار في القارة العجوز.
ولكنه عاد إلى أرض الواقع بقوة بعد هزيمته المهينة صفر/ 4 من مضيفه الأسباني برشلونة في ذهاب دور الثمانية من مسابقة دوري أبطال أوروبا وبدأ الجدل يثار حاليا حول ما إذا كان اللوم في هذه الهزيمة يقع على اللاعبين أم على يورجن كلينسمان مدرب الفريق أم على كليهما.
كان بايرن يعرف من البداية أنه تنتظره مهمة صعبة جدا أمام أفضل فريق أوروبي حاليا من حيث الأداء خاصة بعد هزيمته 1/5 من فولفسبورج في الدوري الألماني السبت الماضي التي أثرت كثيرا على روحه المعنوية.
جاء غياب المدافعين الأساسيين فيليب لام ولوسيو ودانييل فان بويتين في أسوأ توقيت ممكن بالنسبة لبطل ألمانيا.
لكن لم يتوقع أحد أن يترك بايرن نفسه كالحملان المساقة إلى ذبحها أمام ثلاثي برشلونة الفتاك ليونيل ميسي وصامويل إيتو وتييري هنري الذين سجلوا أهداف فريقهم الأربعة في الشوط الأول من المباراة.
كتبت مجلة "كيكر" الرياضية الألمانية على الصفحة الرئيسية لعددها الخميس: "بايرن يمزق إربا".
بينما تساءلت "بيلد" عن مستقبل كلينسمان مع الفريق: "ليلة بايرن المخزية وكلينسمان قريب من الإقالة".
سبق لبايرن أن تعرض للعديد من الهزائم الكبيرة في الماضي شأنه في ذلك شأن باقي الفرق الكبيرة الأخرى في أوروبا فقد خسر صفر/ 4 أمام أياكس أمستردام الهولندي في دور الثمانية من البطولة الأوروبية عام 1973 ثم خسر 2/5 أمام الجيل الجديد لأياكس نفسه في الدور قبل النهائي عام 1995.
وتفوق أياكس في هاتين المباراتين في جميع جوانب اللعب، ولكن بايرن على الأقل قدم بعض المقاومة خلالهما وهو الأمر الذي افتقده بطل ألمانيا تماما في مباراة برشلونة وأدى إلى شعور عام بالخزي.
قال كارل هاينز رومينيجه رئيس مجلس إدارة بايرن خلال مأدبة عشاء الفريق عقب المباراة موجها كلامه لكلينسمان واللاعبين الذين ظلت رؤوسهم محنية وعيونهم مثبتة على الأرض دون حراك:
"إننا نادي معتد بنفسه وهذا أهدر تماما الليلة، على الأقل خلال شوط المباراة الأول".
وغادر لاعب خط وسط بايرن وصانع العابه الفرنسي فرانك ريبيري أرض الملعب بعيون دامعة بعد صفارة نهاية المباراة وأكد رومينيجه أنه رأى مدرب بايرن ميونيخ (وبرشلونة) السابق أودو لاتيك يبكي.
تحدث فرانز بيكنباور رئيس بايرن ميونيخ عن تعرض ناديه "لكارثة" وعن "أسوأ شوط شاهدته على الإطلاق من أي فريق ببايرن ميونيخ".
كان بيكنباور قد أشار في وقت سابق من الأسبوع إلى أن كلينسمان سيتم تقييمه وفقا للنجاح الذي سيحققه مع بايرن، مما أثار استياء رومينيجه ومدير عام النادي أولي هونيس.
وأوضح رومينيجه خلال المأدبة أن المسئولين لن يتسرعوا في اتخاذ أي قرار بعد هذه الهزيمة.
وفي الوقت الذي انشغلت فيه وسائل الإعلام بشائعات انقضاء أيام كلينسمان مع بايرن ميونيخ حتى قبل مباراة الفريق المقبلة بالدوري الألماني السبت المقبل أمام فرانكفورت فقد أكد المدرب الشاب من مطار برشلونة أنه يريد الاستمرار مع الفريق وأن الفوز بالدوري الألماني "ضرورة" ملحة.
وتولى كلينسمان، مدرب منتخب ألمانيا السابق، تدريب بايرن ميونيخ الصيف الماضي.
وقام كلينسمان بثورة جديدة في النظريات التدريبية المطبقة بالنادي لكنه اضطر لاستخدام أكثر من خطة تدريبية خلال موسم غير مستقر لبايرن بالدوري المحلي.
رفض العديد من العاملين في مجال كرة القدم بألمانيا تعليق مسئولية هزيمة برشلونة على كاهل كلينسمان وحده مشيرين إلى أن ريبيري ولوكا توني لا يستطيعان بمفردهما أن يحملا فريقا متواضعا للغاية أمام أفضل فريق أوروبي حاليا.
ويحتاج بايرن ميونيخ الآن إلى استثمار المزيد من أمواله في تدعيم صفوفه بلاعبين جدد من أجل استعادة عرش الكرة الأوروبية الذي لم يتربع عليه بايرن منذ عام 2001.
مازال مركز حارس المرمى يواجه أكبر قدر من الضغوط في بايرن ميونيخ مع عدم وصول مايكل رينسنج حتى الآن إلى المستوى المنتظر منه كخليفة للنجم المعتزل أوليفر كان وقام كلينسمان باستبدال رينسنج خلال مباراة الأربعاء حيث حل محله الحارس المخضرم هانز-يورج بوت.
لذلك لم يكن من الغريب أن ترشح "بيلد" اليوم أفضل حارسي مرمى في ألمانيا حاليا روبرت إنكه (هانوفر) ورينيه أدلر (ليفركوزن) للانتقال إلى بايرن.
أما بالنسبة لرينسنج فقد تأكد أخيرا أن الجلوس على مقاعد البدلاء كان نعمة لا يقدرها حيث صرح لبيلد قائلا: "شعرت براحة كبيرة بعد شوط المباراة الأول لأنني لم أكن في الملعب. وكنا محظوظين لأن برشلونة كان قد اكتفى وقتها بما قدمه في الشوط الأول. فهذا الأمر جنبنا التعرض لهزيمة برقم عشري".
أو يمكن وصف الأمر كما فعلت صحيفة "ماركا" الأسبانية عندما كتبت: "بمزيد من الضغط في الشوط الثاني كان يمكن لبرشلونة أن يلحق ببايرن ميونيخ هزيمة فاضحة".