خطيئة عودة الدوري الضال

في البداية أؤكد أنني مقتنع بأهمية عودة مسابقة الدوري لما فيها من منافع - دعونا نعترف - مادية للأندية واتحاد الكرة أكثر بكثير من الفوائد الفنية التي يتشدق بها المطالبون بالعودة.

ومن المهم جدا للأندية أن يتم استئناف المسابقة نأن لأن هذا سينقذ أغلبها من الإفلاس، لاسيما الأندية الجماهيرية التي لا تتبع مؤسسات أو هيئات ما، مثل الاتحاد أو الإسماعيلي أو المصري، وذلك نظرا للالتزامات المادية لها مع اللاعبين والمدربين وكذلك الموظفين، خاصة إذا كان النادي يضم فرقا متعددة ولاعبين ومدربين أجانب، كما هو حال معظم الأندية.

ويؤسفني أن أشاهد عبر القنوات الرياضية لاعبي الاتحاد وهم يصرخون مطالبين ناديهم بدفع الإيجار المتأخر عليهم بالشهور لأصحاب المساكن التي يقطن بها اللاعبون المغتربون عن مدينة الإسكندرية.

ولكن.. وآه من كلمة لكن..

إن عودة الدوري في منتصف شهر أبريل وحتى العاشر من يوليو يعني كارثة حقيقية لكرة القدم المصرية، ولا أدري حقا هل تم درس القرار بعناية، أم أن الأمور درست فقط من الناحية المادية دون النظر إلى الجوانب الأخرى؟

فأولا، كيف تلعب الفرق المصرية مباراة كل ثلاثة أيام؟ هل تم دراسة عواقب هذا القرار عليها؟ هل سيتحمل اللاعب المصري الغائب عن المباريات الرسمية منذ يناير الماضي، علما بأن هناك أندية لم تخض حتى مباريات ودية بسبب إضراب لاعبيها نظرا للأزمة المادية؟

إن هذا يهدد سلامة اللاعبين بشكل مباشر، وأنا أؤكد من الآن أن اللاعبين لن يتحملوا هذا الضغط غير المعتاد من المباريات الرسمية وستنهال الإصابات عليهم بشكل مكثف، حتى أننا قد نرى فرقا لن تجد لاعبين لإكمال قائمتها للمباريات.

كما أن ذلك سيعني أيضا أن إصابات اللاعبين ستضاعف، فمثلا إصابة لاعب بشد يبعده أسبوعين ستعني وكأنه تعرض لإصابة تبعده شهرا في التقويم العادي للدوري لأنها ستبعده ضعف عدد المباريات في السابق، فكيف ستتعامل الأندية مع هذه المشكلة؟

وإضافة إلى ذلك فإن ناديا مثل الجونة لا يعيش أي من لاعبيه في مقر النادي مطالبون برحلات مكوكية إلى جميع أنحاء الجمهورية كل ثلاثة أيام، وبالطبع سيؤثر ذلك بشكل كبير على الفريق ويخل بمبدأ تكافؤ الفرص.

ثانيا: من المؤكد أن الذين طالبوا بقائمة الـ25 يعدون أصابع الندم الآن على هذا القرار، خاصة من الفرق التي جانبها الحظ بالمشاركة في البطولات الأفريقية هذا الموسم، فمع هذا المعدل المكثف للمباريات، ستجدهم مطالبين بخوض مباريات إضافية في البطولات الأفريقية.

وعلى الأندية التي سيصادفها حظ عاثر بالتأهل للمجموعات في البطولات الأفريقية أن تخوض موسمين كاملين بدون توقف، وأن تخوض مباراتها الأفريقية الأولى في دور المجموعات بعد 5 أيام فقط من انتهاء الدوري، فهل لاعبوها "مكن" أم بطاريات "إينرجايزر" أم مجرد بشر مثلنا؟!

ثالثا، فإن فترة الانتقالات الصيفية تنطلق في الأول من شهر يوليو، وهذا يعني أن الأندية سيكون بمقدورها بيع وشراء اللاعبين أثناء سير المسابقة، ومن المؤكد أن هذا لو حدث سيؤثر على نزاهة النتائج في الأسابيع الأخيرة وكلنا نعلم كيف تسير الأمور بين الأندية المهددة وأندية الوسط وسياسة اللاعبين مقابل النقاط!

كما أن عقود اللاعبين تنتهي بنهاية يونيو، فكيف ستطلب من اللاعبين الذي ستنتهي عقودهم أن يلعبوا 10 أيام فوق البيعة؟! هناك لاعبون مثل أحمد حسن في الأهلي وحسني عبد ربه في الإسماعيلي ستنتهي عقودهم في يونيو، واحتمال رحيلهم للاحتراف الخارجي أكبر من بقائهم، فكيف سيكون موقفهم في الأيام الأخيرة؟ وهل سيتم اتهامهم بالخيانة إذا تركوا أنديتهم في عز المنافسة ورحلوا بانتهاء عقودهم سواء للداخل أو الخارج؟!

رابعا: فرضا أن اتحاد الكرة قرر تأجيل سوق الانتقالات في مصر لنهاية المسابقة، كيف ستقوم الأندية المشاركة في البطولات الأفريقية أن تدعم قائمتها الأفريقية؟ من المؤكد أن الصفقات الصيفية ستستلزم وقتا، وحتى اللاعبون سيحتاجون وقتا للتأقلم مع فريقهم الجديد، وهذا سيعني أنه لن يكون لهم فائدة حقيقية حتى انتهاء دور المجموعات، فكيف ستتعامل الأندية مع الوضع خاصة في حالة رحيل عدد من لاعبيهم المقيدين كما هي العادة؟

إن عودة الدوري مطلب أساسي للأندية من أجل إنقاذهم من الإفلاس، لكني أعتقد أنه سيكون على حساب اللاعبين أنفسهم الذين سيتحرقون بشكل كامل مع نهاية الموسم، أو قل الموسمين للاعبي الأندية المشاركة أفريقيا.

وعلينا أن نعرف أن الإعداد البدني غير المبني على أسس متدرجة وسليمة بسبب تذبذب الأوضاع سيساعد في تدهور الحالة البدنية والفنية للاعبين في أسرع وقت ممكن.

كل هذا ولم نناقش بعد الأحوال الأمنية وتعارض الدوري مع انتخابات مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية!

أعلم أن البعض سيتهمني بأنني أهلاوي وأكتب هذا المقال كيلا يفوز الزمالك بالدوري، ولكني أود أن أرد على هذه النقطة قبل أن تأتيني في التعليقات، فأولا أنا أفضل أن يعطى الدوري للزمالك في حالة إلغائه نظرا لتصدره المسابقة ومشاركة الأندية في البطولات الأفريقية بناء على الترتيب الحالي، وثانيا فإن فارق 6 نقاط ليس بالفارق المستحيل ويمكن تعويضه وقد فعلها الناديان من قبل، وتعامل جماهير الزمالك مع الدوري من منطلق أنهم فازوا به بالفعل سيؤدي حتما إلى ضياعه.. هكذا علمتنا التجارب السابقة.

ربما أكون متشائما، وربما تكون أهمية عودة المسابقة بالنسبة للي "إيده في المية مش زي اللي إيده في النار" مثلما يقول المثل، لكن من الضروري جدا أن يجد أصحاب القرار حلا لهذه المعضلة..

وعلى رأي المثل "اللي طلع الجمل فوق المئذنة هو اللي يقدر ينزله "!

» محدث.. عودة الدوري رسميا 14 و15 إبريل.. وإلغاء كأس مصر
» الاسماعيلي والاهلي يقصان شريط عودة الدوري بلقاءين صعبين نحو الصدارة
» اتحاد الكرة يوافق علي عودة الدوري وينتظر موافقة رسمية من القوات المسلحة
» أنا لست خطيئة أنا نتيجة خطأ.....
» حصريا اهداف قمة الدوري الانجليزي بين " مانشستر يونايتد × ليفربول " في الدوري الانجليزي + تغطية لاهم فرص اللقاء