هاني شاكر: ربنا بعت لي رسالة قرآنية فور وفاة ابنتي! هاني شاكر: وجه ابنتي وقت الغُسل كان متبسما مشرقا بشكل غير طبيعي
كشف الفنان هاني شاكر عن أن نظرته للدنيا قد اختلفت تماما بعد
وفاة ابنته دينا؛ إذ تعلّم أن الدنيا "فعلا ماتستاهلش"؛ برغم أنها تأخذ
الناس، وتشغل عقولهم، وفي ثانية واحدة يتبدل كل شيء، ويجد الإنسان نفسه في
عالم آخر؛ مندهشا من إضاعة البشر لأوقاتهم في تفاهات وشهوات زائلة!
وفي
مقابلة مع الإعلامية لميس الحديدي ببرنامج "نصف الحقيقة" الذي يذاع على
قناة CBC، تقدّم أمير الغناء العربي بالشكر لكل جمهوره وزملائه الفنانين
الذين وقفوا معه في محنته وقدموا له واجب العزاء؛ مؤكدا أن وقفتهم بجواره
خففت عنه الكثير؛ لأنه علِم أن دينا في مكانة عالية، وأن من يحبه ربه يحبب
فيه خلقه، ومؤكدا أن بعض الفنانين فاجؤوه بموقفهم ووقفتهم إلى جواره؛ حتى
إن فنانا مثل نادر أبو الليف حضر صلاة الجنازة والدفنة، ثم حضر العزاء
ليلا؛ برغم أنه لا تجمعه به أية علاقة من أي نوع!
وعن رحلة دينا مع
المرض قال هاني: "أعراض المرض ظهرت عليها عقب ولادتها لطفليها التوأم،
لتبدأ علاجها في أكثر من دولة؛ حتى أخبرها الأطباء في فرنسا في شهر مايو
2010 بأنها قد شفيت، وباركوا لها على نعمة الشفاء بعد أن أجروا الفحوصات
والأشعة التي أثبتت ذلك".
وأضاف الفنان الكبير: "لكن المرض الذي
أصيبت به دينا كان متحورا وشرسا؛ لذا عاد مرة أخرى بشكل مختلف، والعلم
والطب لم يصلا بعد إلى العقار الذي يقضي عليه".
وأتبع: "دينا كانت
هي اللي بتشجع المرضى الشباب في باريس وبتشدّ من أزرهم؛ وكأنها القائد
بتاعهم؛ برغم إن حالتها كانت أصعب حالة فيهم، والنوع اللي عندها كان أشرس
وأندر نوع من المرض، ودينا كانت هي اللي بتقوّينا أكتر ما إحنا بنقويها،
وهي اللي تحمّلت الجزء الأصعب، وعملت اللي عليها وزيادة، لحدّ ما ربنا
مارضيش يتعبها أكتر من كده".
وبسؤاله عن الوقت الذي فقد فيه الأمل،
أجاب: "لآخر وقت لم أفقد الأمل؛ حتى في الأسبوع الأخير من حياة دينا عندما
ذهبت أنا ووالدتها للإقامة معها في المستشفى بعد أن تدهورت حالتها لم أفقد
الأمل، وكنا نصلي جميعا المغرب والعشاء مع أصدقائها وأصدقائنا الذين يأتون
لزيارتنا في المستشفى، وكأن فيه حضرة في المستشفى يوميا، وكان عندنا إحساس
بأن الله الشافي سيشفيها؛ خاصة أن دينا أعطتنا هذا الأمل لأنها لم تكن
تتألم برغم قسوة المرض؛ حتى إنها رفضت تناول المسكّنات التي قمنا بشرائها
من باريس".
وأردف: "أشار الأطباء إلى أن هذا مؤشر جيد لأن معناه أن
دينا لا تتألم ويبدو أن حالتها تتحسن، لكن يبدو أن الله سبحانه وتعالى كان
شايف غير اللي إحنا شايفينه، وربنا تقبل دعائي؛ لكن بشكل تاني؛ لأني كنت
أتمنى لها الخير والسعادة، بس واضح إن السعادة والراحة مش في الدنيا، فهو
خدها عنده وريحها بشكل كبير، وأنا متطمن وفيه شواهد كتير لم يبخل بها الله
عليّ حتى يطمئنني".
وأكد هاني أن وجه ابنته وقت الغُسل كان متبسما
مشرقا بشكل غير طبيعي؛ حتى إنه عندما شاهدها بعد الغسل لم يعرفها، كما أن
زوجته والسيدات اللاتي وقفن على الغُسل شاهدن إصبعها السبابة منفردا بعلامة
التوحيد؛ وكأن هناك من كان يلقّن دينا الشهادة.
كما أن أول بشارة
شاهدها فور صعوده لغرفتها بعد أن أخبره الأطباء بتوقف القلب وحدوث الوفاة،
كانت عندما قام بفتح التليفزيون الموجود في غرفة دينا، وكان مضبوطا على
القناة السعودية التي تذيع القرآن الكريم وصورة حية للكعبة مباشرة؛ فسمع
آيات قرآنية تُطمئِن قلبه وكأنها رسالة ربانية؛ بدءا من الآية رقم 30 من
سورة النحل، وما تلاها من آيات، تقول: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا
مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي
هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ
الْمُتَّقِينَ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ
الْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ
يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ}؛ فتوقف عن البكاء، وقال لزوجته: إن هذه رسالة من الله.
وأكد
هاني أن حفيديه التوأم مجدي ومليكة يُهوّنان عليه كثيرا؛ خاصة أن الطفلة
مليكة نسخة من والدتها في الشكل والطباع والروح؛ برغم أن عمرهما لا يتعدى
العامين والنصف، وكذا وَرِث مجدي خفة الظل والشقاوة، وكأن ربنا عوّضه عن
رحيل ابنته بطفلين!
من ناحية أخرى استعرض هاني أصعب اللحظات المؤثرة
في أيام دينا الأخيرة، عندما وصلت لمرحلة عدم القدرة على الكلام، وتم
وضعها على جهاز التنفس الصناعي؛ فكانت تنظر له وتكلمه بعينيها وتضع يدها
على وجهه لتحمل عيناها ولمساتها معاني كبيرة جدا تفوق كل الكلام.
ومن
أكثر الأشياء المؤثرة في الحلقة، ما حدث عندما غنى هاني شاكر أغنية
"الشهيد" التي غناها لشهداء 25 يناير، من ورقة لأول مرة في تاريخه الفني،
بعد أن نسي كلماتها، وكانت هذه المرة الأولى التي يغني فيها في منزله بعد
وفاة ابنته، وتابع متأثرا: "صعب أكون مش عايز أغني؛ لكن حسيت إني مش قادر
أغني، وصعب إني أحس إن ناس بتحبني وماكونش عند حسن ظنهم وقد حبهم ليّ؛ لكن
أنا فعلا الفترة اللي فاتت لقيتني مش قادر".
وعن تدخلات دينا في
اختياراته الفنية في أيامها الأخيرة، أكد أنها أصرت على نزول أغنية "صعب
جدا" التي قام بتسجيلها في ألبومه الأخير "بعدك ماليش"، وكانت هذه الأغنية
تصف حالته وإحساسه تجاه دينا في آخر سنتين قضاهما معها، وهي فترة مرضها؛
مؤكدا أنه يستحيل أن يسمعها الآن.
وبدموع حبيسة أنهت لميس الحديدي
الحلقة بقراءة الفاتحة على روح دينا هاني شاكر، دون أن تتمكن حتى من
الكلام؛ بينما وصل هاني شاكر لدرجة الانكسار لتنفلت دموعه ويفقد السيطرة
على شعوره.