من أعظم القربات وأفضل الطاعات .. طاعة يحبها الله، لأنها تجسد معني العبودية التي خُلقنا من أجلها .. عبادة يسيرة جداً، لا تحتاج أكثر من أن تحرك شفتيك وتُقبل على ربك بقلبك وترفع يدك وتقول له يــــــــارب ..
وللدعاء أفضال عدة .. فلابد أن تستشعر هذه المعاني وأنت تدعو الله عز وجل ..1) الامتثال لأمر الله عز وجل .. لقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوه {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ..} [غافر: 60] .. فالدعاء واجب يومي لابد من القيام به، وليس عندما تحتاج فقط .. لذا يغضب الله عز وجل ممن لا يدعوه.2) أعظم طاعة وأفضل قُربة .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الدعاء هو العبادة ثم قرأ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ..} [غافر: 60]" [رواه ابن ماجة وصححه الألباني] .. فيجب أن تفرح أن الله عز وجل قد أكرمك بأن تؤدي أفضل عبادة.3) التقرب إلى الله عز وجل .. إن أردت أن تعرف ربك وتتعرف عليه، فما عليك سوى أن ترفع يديك وأنت مستشعرًا لقربه ومستشعرًا لمدى جوده وكرمه، فهو الكريم المنان ذو الفضل والإحسان .. قال تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186] 4) علاج لآفة الكِبر .. وهو من أخطر الأمراض، لإنه هو الذى منعك من الاستسلام لأمره فعصيته .. كما قال صلى الله عليه وسلم "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" وقال"الكبر بطر الحق وغمط الناس" [رواه مسلم]
5) من أعظم الأسباب لعلاج قسوة القلب .. فالله عز وجل يبتلى العبد وهو يُحبه، ليسمع تضرعه .. قال تعالى {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43] .. فلو إنك تضرعت إلى ربك وقت الشدة، لتحرك قلبك وزالت قسوته.6) وقاية من عذاب الله عز وجل .. فلولا الدعاء لصبّ الله علينا العذاب صباً، الله عز وجل يقول{قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [الفرقان: 77] 7) ناهيك عن مِنَنٍ لا تُحصى وعطاء من لا تنقص خزائنه سبحانه وتعالى .. قال صلى الله عليه وسلم "الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء" [حسنه الألباني، صحيح الجامع (3409)]فتعرّف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء" [رواه الترمذي وحسنه الألباني] ولكن ما لنا ندعو ولا يُستجاب لنا؟! .. عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما من مسلم يدعو ليس بإثم ولا بقطيعة رحم إلا أعطاه إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها"، قال: إذا يكثر، قال "الله أكثر"[صحيح الأدب المفرد (710)] .. فإن لم يُستجاب دعاءك، فاعلم ..أن الله إذا أحب عبداً حماه، فمنعها عنك ليحفظك .. لأن هذه الدعوة لم يكن فيها الخير لك، والله سبحانه وتعالى أعلم بك منك وهو الذي يُدبر أمرك .. فثق في حكمته، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] .. فما منعك إلا ليُعطِيّك .. أو أخّرها عنك، لكي تجتهد أكثر في الدعاء .. لأنه يحب أن يسمع أنينك، ولك في قصص الأنبياء والصالحين أسوة حسنة .. أو قد تكون قد وقعت في إحدى موانع إجابة الدعاء .. ومن موانع إجابة الدعاء:1) الدعاء بإثم أو بقطيعه رحم .. 2) أن تكون ظالمًا .. ودعوة الظالم لا تستجاب ..3) الكسب الحرام .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ..} [المؤمنون: 51] وقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ..} [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ؟" [رواه مسلم].4) التعدي في الدعاء .. كأن تدعو بشيء مستحيل، أو أن يشتمل الدعاء على شركيات كالتوسل بغير الله تعالى، أو أن يشتمل على الدعاء على النفس بالموت، أو يدعو بتعجيل عقوبة الآخرة في الدنيا. 5) غفلة القلب .. الذي هو أثر الذنوب على القلب، قال تعالى {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين:14,15] .. وقال صلى الله عليه وسلم "ادعوا الله تعالى وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" [السلسلة الصحيحة (594)]6) ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. لقول النبي صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم" [رواه الترمذي وحسنه الألباني]7) الاستعجال .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل" . قيل يا رسول الله ما الاستعجال ؟، قال "يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء" [رواه مسلم] .. يستحسر أي: ينقطع.فعليكم عباد الله بالدعاء وابتعدوا عن موانعه .. وهو سبحانه يُجيب دعوة المضطر إذا دعاه ..