إنهم يعودون مرة أخري إلي الحياة

منذ ثلاث سنوات وبالتحديد في شهر رمضان ، ظهر مسلسل سارة والذي حفرت به الممثلة حنان ترك اسمها في قلوب المصريين بأدائها الرائع والجميل جداً والصادق ، وفجرت بهذا المسلسل قضية ال7 مليون ، قضية زوي الاحتياجات الخاصة ، لتفتح للدولة باباً لمزيد من الاهتمام بتلك الفئات .
ولقد كانت قضية المسلسل الرئيسية هي مرض العودة لوضع الجنين ، فهل كانت قصة المسلسل تعبيراً عن مرض نادر حقيقي أو أنه مجرد خيال محض من تأليف كاتب رائع ، هذا ما ستجيب عنه السطور القادمة وبدقة شديدة .
... المرض حقيقي ولكنه يعد نوعاً غريباً من أنواع الغيبوبة العقلية النادرة ، ويوجد 11 حالة مصابة بتلك المرض على المستوي العالم ، لذلك لم يحظ ذلك المرض بالمزيد من البحث وسبل إيجاد العلاج المناسبة له .
يبدأ المرض بأن تتلقي الحالة صدمة شديدة تؤدي بها للانسحاب من الحياة واعتزالها ، ويجد بالذكر في هذا الصدد أن تلك الصدمة لا تكون بالضرورة صدمة نفسية ولكنها قد تكون نتيجة حادثة يتعرض لها الفرد .
من 11 حالة السابقة توجد الفتاة ماريا جون بيتروس ، كانت تلك الفتاة تعيش حياة سعيدة جداً مع أسرتها ولكنها تعرضت لحادثة وهي في طفولتها أدت بها للدخول في غيبوبة طويلة جداً ، فقد غابت عن الوعي لمدة 21 سنة ، وبعد أن فقد الجميع الأمل في شفائها ، عادت الحالة مرة أخري للحياة من تلقاء نفسها وبدون أي مساعدة طبية ، فقد دخلت الممرضة عليها يوم 17/2/2002 لتجدها مفتحة العينين .
وهذا ما يؤكده الكاتب جان بيير في كتابه أنهم يعودون للحياة ، فهو يذكر أن النفس البشرية مازالت على درجة كبيرة من التعقيد ولم ولن يستطيع العلم سبر كل أغوارها .
لم تكن تلك هي الحالة الوحيدة التي تحدت الحياة وأفاقت من لمرض ...
فهناك حالة الفتاة ورجيتا ولقد شاهدت أمام عينها أختها وهو يدهسها القطار ، والتي ربما يكون كانت مسلسل سارة قد استوحي منها قصة المسلسل ، فتلك الفتاة دخلت في غيبوبة عميقة لمدة تزيد عن 14 سنة إلي أن نجح أحد الأطباء الشبان في إفاقتها بطرق صناعية مستعيناً بما كانت تحبه في طفولتها المهدرة ، وتزوجها فيما بعد .
وتلك المرض العديد من المظاهر ، فمنها أن المريض يأخذ وضعاً محدداً لا يتغير طوال فترة حياته وهو نائم وألا وهو وضع الجنين ، كما أنه يستجيب تماماً للمؤثرات الخارجية .
كما تؤكد بعض النظريات أن المصابون بهذا المرض يعلمون بما يحدث حولهم من تغيرات ، ولكنهم ينتهجون الغيبوبة تلك نتيجة رفضهم للواقع الخارجي ، أو أنهم بتلك الغيبوبة يرون أنها أفضل وسيلة للانتقام من العالم الخارجي ، فهم يعيشون في دنيا خاصة بهم فقط .
ويلاحظ على ال11 حالة أنها كلها لفتيات ، 4 فقط تمت افقاتهم ولكن بمحض إرادة الحالات فلم يحدث أي تدخل طبي للأفاقة ، فما كان يحدث مع ماريا ورجيتا أن الممرضة دخلت ذات يوم فوجد الحالات مفتحة العينين .
ولكن رحلة العلاج لا تتوقف عند حد الأفاقة فقط ، ولكنها تبدأ في تربية المريض من جديد ، فقد وصلت روجيتا لمتوسط عمري مقداره 17 سنة ثم توقف عنده علماً بأن سنها الحقيقي هو 24 سنة ، كما أنها نجحت في تحصيل العديد من المعارف خلال فترة قصيرة جداً لا تتعدي 3 سنوات ، وهو مما يعني مهما كانت إرادة الحالة فأنها ستظل مصابة بنوع من التخلف العقلي .
يعتقد العلماء أن مكمن علاج المرض في تذكر الصدمة التي أدت للدخول في الغيبوبة ، ولكن من خلال الحالات التي تم علاجها لم تنجح أي حالة في تذكر صدمتها ، ربما يعد هذا نوع من الرفض للعالم مرة أخري ، ولكنها لم تنجح كل الحالات في التكيف في المكان الذي حدثت به الصدمة ، فقد كانت تحدث لها بعض أنواع الصرع والصراخ .
وهذا ما يدخلنا لنفق مظلم مرة أخري ، وهو كيف تكون حالة الإنسان في الغيبوبة ، لا توجد تفسيرات كثيرة للسؤال ، ولكن من وجهة نظر سيجموند فرويد رائد التحليل النفسي والمتفقة مع عالم الفروق الفردية تشارلز جالتون ، أن حالات الدخول في غيبوبة تكون نتيجة رفض النفس للواقع وعدم القدرة على التكيف معه ، وتعد الغيبوبة مرض عقلي .
وتفيق الحالات فجأة وكأنما أحييت مرة أخري للحياة .
وفي النهاية أحب أن أؤكد أن إرادة الإنسان تستطيع أن تصل به إلي عنان السماء ، وعزيمته تستطيع أن تصل بها لكل أهدافه