حول مدى جواز دفع أموال الزكاة عن الأموال المدخرة لتزويج البنات قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية:إن كان المقصود من [شراء أساور وسلاسل ذهبية للبنات] أنهن يمتلكنها هبةً أو هديةً فالمُفتى به فى حُلِىّ النساء -وهو الذهب المُعَدّ لزينة النساء- أنه لا زكاة فيها، وهو مذهب جمهور العلماء خلافًا للحنفية، وحتى على مذهب السادة الحنفية فإن من شروط وجوب الزكاة فى المال الذى بلغ النصاب وحال عليه الحول أن يكون فاضلا عن الحاجة الأصلية، فالمال المُعَدّ لشراء الحاجة الأصلية لا زكاة فيه، لأن صاحبه لا يكون حينئذ غنيًّا عنه، بل هو من ضرورات حاجة البقاء وقوام البدن، وجهاز البنت فى زواجها يُعَدُّ من حاجاتها المهمة،
والله تعالى يقول: {ويَسأَلُونَكَ ماذا يُنفِقُونَ قُلِ العَفوَ} (البقرة:٢١٩)، والعفو: هو ما فضل عن حاجة الإنسان ومن يعوله، والنبى صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا صَدَقةَ إلاّ عَن ظَهرِ غِنًى» رواه أحمد، وهو عند البخارى بمعناه، وقد فسروا الحاجة الأصلية بأنها: «ما يدفع الهلاك عن الإنسان تحقيقًا: كالنفقة، ودور السكنى، وآلات الحرب، والثياب المحتاج إليها لدفع الحر أو البرد، أو تقديرًا: كالدَّين، فإن المَدِين محتاج إلى قضائه بما فى يده من النصاب دفعًا عن نفسه الحبس الذى هو كالهلاك، فإذا كان له دراهم مستحقة بصرفها إلى تلك الحوائج صارت كالمعدومة، كما أن الماء المستحق بصرفه إلى العطش كان كالمعدوم وجاز عنده التيمم». من حاشية العلاّمة ابن عابدين.
وإن كان المقصود من عبارة السائل أنه يشتريه لنفسه من أجل بناته (يشير إلى ذلك قوله: [لأبيعها بعد ذلك]، حيث إنه لا يملك أن يبيع ما تمتلكه بناته، بل ربما تصرفت فيه البنات بشكل أو بآخر) فيحرم عليه ذلك، لأن القاعدة الشرعية أن ما حَرُم استعماله حَرُم اتخاذه (أى اقتناؤه)، والذهب المصوغ محرَّم على الرجال استعماله، فيحرم عليهم اتخاذه واقتناؤه، ويكون فيه الزكاة حينئذ على رأى الجمهور، ولكن لا زكاة فيه على رأى الحنفية، لما سبق ذكره.
والله سبحانه وتعالى أعلم.