مساء الفل
بالأمس وجدت نفسي أسرد تاريخاً طويلاً في علاقاتي بالآخرين لأحد أصدقائي بشكل تلقائي وعفوي جداً.
كتبت أشياء كثيرة ، إلى درجة أن المسكين نام على الكيبورد في نهاية اليوم.
وسقطت رأسه على حرف الـ " أًفففففففففففف " حتى تسببت في تهنيجة المساء.
ولكني أعدت قراءة ما كتبته لنفسي مرة أخرى بروية هذا الصباح.
وخطرت لي فكرة هذا الموضوع.
لم أندم يوماً على خياراتي. حتى تلك الغبية منها، بل تحملت مسئوليتها كلها بسعادة. ذلك أنها خياراتي. وهي التي صنعت من هو أنا اليوم.
لو كنت قد تخليت عن إحداها لربما بقيت متأخراً درجة عما أنا عليه اليوم.
خاصة تلك الخيارات الغبية منها، هي التي تربي الإنسان بحق. وتصنع منه كائناً أكثر ذكاءً.
ولكن ، على جانبي الطريق بقيت رواسب ، لم أكتشفها إلا بالأمس أو ربما اليوم.
ووجدت نفسي لأول مرة أشعر بالأسف على أشياء فعلتها، وخيارات اتخذتها.
ولهذا فتحت هذا الموضوع، لأترك الفرصة لنفسي ولك ، للتعبير عن ذلك المسمار الذي يقف في حلقك، طيلة السنين الماضية، ولم تجد وقتاً كافياً في وسط الإيقاع السريع للحياة وتحدياتها، لتبلّعه بقليل من حديث أو رشفة من فضفضة أو أمنية.
أمنية أن تكون الأحداث قد جرت في طريق غير الذي اتخذه مجراها.
بالنسبة لي ، هذا هو الشيء الذي شعرت بالأسف لأجله ، ربما يكون الشيء الوحيد.
وهو حدة المزاج الشديدة.
بحيث أقوم خلالها بدفع من يجلس إلى جانبي بقوة تطرحه خارج حياتي نهائياً.
في بعض الأحيان ، وبعد عدة سنوات، عندما أسترجع الموقف، أكتشف أنني اتخذت القرار السليم.
ولا أشعر بالندم على الإطلاق. بل ، أشعر أنه لو حصل الموقف مرة أخرى، فربما يكون رد فعلي أكثر شدة.
ولكن في أحيان أخرى، أشعر أن الدفعة أو..، الوخزة - يبدو هذا التعبير ملائماً أكثر - كانت أشد من اللازم بكثير. إلى درجة ، تشعرني بالندم أن فعلتها.
وبسبب هذه الشدة تحديداً ، لا أجد في نفسي الجرأة على معاودة الإتصال ، أو التفكير في إبداء الإعتذار للشخص الذي تلقى ردة فعلي المجنونة لمجرد أنه كان فقط يجلس إلى جواري وقتها، وتصادف أنه أو أنها قال/ت كلمة تسببت في ضغط زر الحساسية في مزاجي العكر وقتها.
في ذات الوقت، استفدت كثيراً من هذه اللمة ، لمة الجنون ، أن أمضيت وقتي كله تقريباً ، في المزيد من القراءة. والتي لم تكن لتحصل لو بقيت محافظاً على تلك الصداقات التي رفستها في لحظات الجنون.
وصرت أتخيل أن بقاء تلك الصداقات الجميلة التي دفعتها عني، كان سيعطلني عن بحثي عن معنى لحياتي، وعما هو أنا.
وعلى الرغم من أن هذه الطريقة في التفكير قد تحلل بكونها مجرد ميكانيزم خادع للتهوين على الذات، وعلى الرغم أني لا أمانع في اعتبارها كذلك، إلا أنها تحمل على الأقل جزءاً من الحقيقة.
ولكنها ، لا زالت غير ناجحة في إزالة الشعور بالأسف ذاك.
وشعور الأسف كذلك، لا زال غير ناجح في التخلص من الحدة الفجائية الفتّاكة.
اتصلت بي صديقة منذ بضعة أعوام، وربما كان هذا هو من ضمن أكثر الأشياء التي تشعرني بالأسف.
فواجهتها ، لأول مرة نتحادث فيها ، بأني مجنون وحاد الطباع، ما جعلها تنفر على الفور. رغم تقديري الشديد لها.
وقد تكرر هذا الموقف لاحقاً مع غيرها ربما ثلاثة مرات أخر.
وفي جميعها لم أجرؤ على طرق باب أولئك الناس مرة أخرى، لأن إحساسي بحماقة ما فعلته لا يفارقني.
وهذا يجعل وزن الخجل الداخلي أكبر دائماً من قوة الإعتذار على رفعه والخروج من داخل النفس ليصبح اعتذاراً خارجيا له وجود حقيقي. وهكذا يتم وأد المشروع بأكمله في كل مرة أتذكر فيها الموقف.
ولهذا ، أصبحت أكتفي بالنظر من بعيد، والتأسف على ما حصل. ثم ، العودة إلى القراءة والعمل.
ولكني لم آت إلى هنا لأتأسف وحيداً !! وأنتم تتفرجون عليّ !!
جئت لكي يحكي كل منكم ما يشعره بالأسف في حياته الماضية ، ما يتمنى لو أن الزمن عاد به إلى الوراء مرة أخرى ، ليفعله بشكل مختلف. ويصلح ما تسببت حماقته في الماضي بهدمه وسقوطه.
ما الذي يشعرك بالأسف مما فعلته في حياتك، وكنت تتمنى(ن) لو فعلته بشكل مختلف؟
وإذن .
عزيزي وعزيزتي
جاء دورك للحديث والفضفضة.