|
المصلون في ساحة مسجد عمرو بن العاص | القاهرة - مع اقتراب موعد صلاة العشاء مساء أمس الإثنين الموافق لليلة السابع والعشرين من رمضان والتي يحتفل فيها عادة المسلمون بليلة القدر، كان العديد من مساجد القاهرة والطرقات والشوارع الجانبية المحيطة بها قد امتلأت عن آخرها بالمصلين، حتى وصل الأمر بالآلاف منهم للصلاة على أعتاب الكنائس المجاورة للمساجد، فيما اضطر آخرون للصلاة في مداخل العمارات وحتى في المقاهي التي تحولت مؤقتا إلى دور للعبادة. وكان ليل القاهرة محملا بنسمات الطاعة والعبادة؛ وحولت ليلة القدر مساجدها إلى "دوحة للمؤمنين الراجين رحمة وعفو ربهم".
فقد كانت تفوح المساجد بآيات من الذكر الحكيم يصدح بها شيوخ شباب، وأدعية تخترق قلوب المصلين قاسمها تفريج هم المكروبين وإصلاح الشباب والنصر على الأعداء وتوحيد صف الأمة، وكانت وسائل المواصلات وأشهرها مترو الأنفاق تنقل مئات الآلاف لصلاة العشاء والتراويح وهم يرددون "اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا". إسلام أون لاين.نت رصدت أجواء ومظاهر "ليلة القدر" في العديد من المساجد بالقاهرة، في مقدمتها "مسجد عمرو بن العاص" الذي استقطب أمواجا بشرية قدرت بمئات الألوف، ليس فقط من القاهرة، بل من صعيد مصر ودلتاها؛ لقيام ليلة القدر خلف إمام التراويح بمصر الشيخ محمد جبريل. ومع اقتراب موعد صلاة العشاء كان المسجد والطرقات والشوارع الجانبية المحيطة قد امتلأت بالمصلين ووصل الأمر لصلاة البعض على أعتاب الكنيسة المجاورة للجامع، واضطر آخرون للصلاة في مداخل العمارات، وبدلا من أن تقدم المقاهي المحيطة بالمسجد كراسي ومشروبات لزبائنها لم يجد أصحابها بدا من استبدالها بسجاجيد وفرش للصلاة عليها. قبلي وبحري وبالرغم من هذا الازدحام الشديد فإن الجميع يغشاهم حالة من السكون والطمأنينة، والتسبيح والتحميد والتهليل طامعين في الفوز برحمة الله، لكن يقطع هذا السكون بين الحين والآخر أصوات طيور شاركت الجموع تسبيح الله. ويقول مراسل إسلام أون لاين: وسط هذه الجموع وجدت بالكاد مكانا داخل أحد المقاهي وحين فرغ الشيخ جبريل من آيات الذكر الحكيم وخلال حلقة الدرس وسط الركعات مد أحد المصلين يده إلي بحبات من التمر واكتشفت بعد حديثي معه أنه جاء بصحبة أكثر من 300 فرد من قرية تلا بمحافظة المنوفية في الوجه البحري (150 كم شمال القاهرة) خصيصا "لقيام ليلة القدر بجامع عمرو بن العاص؛ لأن هذا العدد وهذه الأجواء الإيمانية أقرب ما تكون للحرم المكي أو النبوي بالسعودية". وبدد هذا الشخص ملامح الدهشة التي علت وجهي من طول المسافة التي قطعها للمجيء للقاهرة، وقال: "لا تستغرب فعلى مقربة منك ستجد أناسا جاءوا من صعيد مصر أو الوجه القبلي!!". وعلى مدار الساعة غالبته فيها الدموع كثيرا دعا الشيخ جبريل بعذوبة صوته دعاء شاملا بدأه بالثناء على الله والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم والدعاء بوحدة الصف ولم الشمل سواء في العراق أو لبنان، والدعاء بإصلاح أحوال الشباب وتفريج هم المكروبين والنصر على أعداء الإسلام وتحرير المسجد الأقصى. 7000 مصل بالرواس ولم يختلف حال الإمام والمصلين كثيرا في مسجد الرواس المزين بالأنوار بوسط القاهرة الواقع بأحد الأحياء الشعبية، حيث حمل دعاء أكثر من 7000 مصل ليلة أمس على مدار أربع ساعات متواصلة خلف الشيخ الشاب خالد أبو شادي. وأمام مسجد الرواس المزين بالأنوار كانت هناك حالة من الفوضى المرورية.. سيارات من كل الطرز والموديلات لا تجد مكانا للوقوف، أصحابها جاءوا من كل فج ليشهدوا صلاة ليلة القدر. كما تسابق العديد من الأشخاص في الرصيف المقابل للمسجد والطرق الموازية له لاستيعاب المصلين القادمين. أما داخله فكان عدد آخر يوزع السجاجيد اليدوية هدية للمصلين، والنساء يوزعن الحلوى والمياه والعصائر دون تكلف والكل يردد " بارك الله لكم، اللهم أعز الإسلام والمسلمين". وبين الاستراحة الوسطية للقيام دعا الدكتور راغب السرجاني الأستاذ بكلية طب قصر العيني والداعية الإسلامي إلى اتباع الوسائل التي تدخل المسلم الجنة، ومنها اختيار الوالي العادل، وكذلك الإخلاص في العمل. وعقب انتهاء صلاة القيام قام أبو شادي بترديد الدعاء على مدار 45 ودقيقة، وكان بكاء الناس يشتد أملا منهم في دخول الجنة وأن يكونوا من المقبولين في هذا الشهر. وكان للدعاء من أجل "تفريج الهم والكرب عن المصريين" نصيب وافر من دعاء أبو شادي، الذي دعا أيضا للشعب الفلسطيني بفك الحصار ونصرهم على اليهود، ودعا كذلك للعراق ولبنان. فريقان بالمترو وفي مشهد نادرا ما تشهده محطة المترو، حمل العديد من الركاب قبل صلاة العشاء السبح وسجاجيد الصلاة والمصاحف، بينما كانت تردد النساء في العربات المخصصة للسيدات دعاء "اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا". ولم يتوقف الأمر على هذا فقط، بل كان هناك نوع من المنافسة على المساجد، حيث انقسمت عربات السيدات بين فرقين، أحدهما مؤيد لمحمد جبريل مقيم شعائر ليلة القدر بمسجد عمرو بن العاص، وفريق مؤيد لخالد أبو شادي مقيم شعائر ليلة القدر بمسجد الرواس. أما في مسجد السلام بالحي الثامن بمصر الجديدة فقد توالت جموع المصلين القادمين من جميع أحياء المدينة، للصلاة خلف الشيخ ياسر سلامة (24 عاما) صاحب الصوت الندي الذي يخترق صوته القلوب. واللافت أن الجامع كان يعج بالمسلمين من مختلف الجنسيات، من ماليزيا وإندونيسيا وروسيا يدرسون جميعا بالجامع الأزهر ويقطنون مدينة البعوث الإسلامية. ومن مفاجآت ليلة القدر بمسجد السلام إلقاء الطفل محمد مهراس (9 أعوام) أصغر الدعاة في مصر كلمة موجزة على جموع المصلين وسط الركعات. وفي مسجد الصديق بمنطقة مساكن الشيراتون، ركز الشيخ الشاب خالد عبد الله في دعائه على إصلاح الشباب وهدايتهم، وهو ما فعله أيضا الشيخ منتصر بمسجد الودود في حي الهرم جنوب القاهرة. |