نادت على نفسها لكل غاد ورائح.
وأقبلت في زينتها تعرض جسمها، لا تدفع يد لامس.
لم تصن عرضها من دنس الفجور وقبيح الفعال.
فثوبها ملطخ بنقيصة وعيب الناس ومعرة الفعل ومذلة الصيت..فيا قبح الدثار!
لم تترك فاحشة إلا أتتها..فها هي وقد عودت نفسها أسباب الشر..أقسمت فاجرة لأفتنن الربيع بن خثيم، ولأقعدن له كل مرصد، فرجعت تحمل ثقلا ما اعتادته وهما ما عرفته:
"كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك ،أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت فقطع منك حبل الوتين أم كيف بك لو قد ساءلك منكر ونكير"
أحست لأول مرة بدمعة صادقة تسقط أمامها من شدتها،وحضور قلب لم تعهده، فراعها الخطب:
كأن خطوب الدهر لم تجر ساعة ... عليك إذا الخطب الجليل أتاكا
رأت الآخرة مقبلة ودنياها المثقلة بالآثام مدبرة وما هي إلا أيام وينادى عليها: هذا أوان الرحيل!.
لزمت بيتها تبكي على نفسها ليلا فلا تنام ونهارا فلا تجد للطعام مساغا، كانت تصرخ وتئن وتبكي بكاء الثكلى..رفعت يدها إلى السماء وهي ترتجف والدمع ينهمر ولا ينقطع، فلا تكاد تستمسك..ترجو رحمة الله تعالى وعفوه.. تشهدت شهادة الحسنى.. فكان آخر العهد بهذه الدنيا..فسكتت بحق "شهرزاد" عن الفعل الحرام..فوا فرحتاه!