وصلت للمكان ، موسيقي صاخبة تصدر منه.. كم الشباب و الفتيات الذين يقفون خارجه رهيب، ان كان كل هؤلاء خارجه.. كم بداخله؟، يبدوا انهم ينتظرون دورهم في الدخول.. زاحمت حتي وصلت للباب البشري الذي يقف علي الباب الحقيقي.." ممكن ادخل اخد اختي من جوة؟" قالت له وهي تصرخ حتي يسمعها.. اشار لها دون ان يرد الي اخر الطابور.. فقالت:"لاء دانا مش هعد ، انا هاخدها و امشي.." هز رأسه في اعتراض و اشار ثانية علي اخر الطابور فخرجت من كتلة الشباب المتزاحمة واتصلت بمي لتخرج هي، الكارثة.. مي تليفونها غير متاح! زاحمت مرة اخري وكررت ما فعلته المرة السابقة وحصلت علي نفس النتيجة بالاضافة انها اثارت غضب السيد باب هذه المرة..
ماذا تفعل الان؟ يجب ان تعود بمي لا محالة! هي تحتاج الي شخص يجبر ذلك الباب ان يجعلها تدخل وجدت نفسها تتصل بمحمد، ففي جميع الاحوال هاتفها ليس به سوي رقمه و رقم مي و دينا..
لم يبد نائما حين رد، اخبرته بمكانها و انها تحتاج اليه .. لم يسأل عن شيء فقط وجدته امامها بعد ثلث ساعة.. حكت له عن الموقف الذي هي فيه، فطلب منه ان تنتظر .. ودخل في الزحام، بعدها بثلاث دقائق بالضبط وجدته يتصل بها و خبرها ان تأتي اليه علي الباب.. بالفعل زاحمت مرة اخري وصلت للباب، وجدت الباب البشري يبتسم لها قائلا :" اتفضلي.." ياللعجب! اخذها محمد للداخل وهي تنظر بعجب للرجل..
كانت الموسيقي تصم الاذان، والكل يرقص في جنون.. كم عمر هؤلاء كيف هم خارج منازلهم الي بعد منتصف الليل.. اين اهلهم؟.. هل كلهم ايتام؟ حسنا .. اين مي؟ ظلت تجوب الوجه بحثا عنها، اشار اعليها محمد ان تبحث عنها في الحمام فغالبا هو المكان المفضل للفتيات الباكيات.. دخلت الحمام وبالفعل وجدتها تجلس علي رخامة الحوض ومازالت تبكي..ما ان رأتها حتي قفزت من جلستها وجرت عليها..
حبيبة:" مي! انتي لازم تفهميني في ايه؟؟؟!"
مي باكية:" اصلي اتخانقت مع ناس هنا وخايفة اخرج.. واللي جيت معاهم مش لاقياهم؟"
حبيبة منفجرة:" وانتي اصلا ايه اللي جابك من ورا ابوكي.. مش مصدقة انك نزلت واتسحبتي زي الحرمية عشان تيجي هنا!"
مي:"اا كان لازم اجي يا حبيبة، كل الناس هنا.."
حبيبة:" انهي ناس؟؟ اللي اتخانقتي معاهم ولا الي سابوكي وهم عارفين ان مفيش حد يروحك؟؟؟؟"
وجذبتها من زراعها وخرجتا الي محمد، لم تفهم مي من هذا و لكنها لم تسأل، وهم يخرجون الي الباب سمعوا.. بعض (التريقة) عليهم و علي مي من شلة معينة علي غرار..
(دي جابتلنا حد كبير!)، (اصل اصحابها سابوها عشان مش طايقنها) ، (بتعيط ذي العيال)..
احس محمد ان تلك العبارات التافهة اصابت مي كالحجارة.. فاوقف حبيبة و مي وذهب لتلك الشلة المكونة من شوية عيال في ثانوي ، كان بالنسبة لهم مخيفا فقد حمر عينيه و خاطب عن قرب من يبدوا عليه رأيسهم :" بتقولوا حاجة يا كابتن؟"
فقال الفتي:"لا مبنقولش.."
محمد:" انا قلت كده برضه!"
ثم قال مخاطبا الجميع:" انا لو سمعت ان حد فتح بقه مع البنت دي تاني.. هجيله"
ثم رحل تاركا اياهم مينظرون الي بعضهم البعض في رعب..
اخذ مي و حبيبة وخرج ملقيا التحية ، علي الباب البشري..
وصلوا الي سيارة حبيبة فشكرته بشده و همت ان تركب لتقود فدعها عن الباب دفعة خفيفة قائلا:" انتي رايحة فين؟"
حبيبة :" هركب عشان نروح"
محمد:" انا اللي هسوق.. انا مش هكرر غلطتي تاني.. مش هنسي اللي حصل اخر مرة سبتك تمشي فيها لوحدك بلليل "
حبيبة:" وعربيتك؟"
محمد:" هرجعلها بتاكسي.. اركبوا"
ركبوا.. كانت مي تنظر لمحمد بانبهار.. كونه اخاف اولائك الملاعين الذين جعلوها تبقي في الحمام لمدة ساعة او كثر، جعلها تراه كسوبر مان..
اما حبيبة فقد كانت سعيدة انها معه برغم كل شيء..وتناست مؤقتا كل مشاكلها معه واكتفت بالاستمتاع بوجوده.. كانت تفتقده بشدة..
نظر لمي في مرآة السيارة وقال في حماس:"ها يامي، مش هتحكيلنا مين العيال دي واتخانقتي معاهم ليه؟"
مي:" هو مين ده يا حبيبة؟"
محمد ضاحكا:" ازاي اتكبست كده؟.. باين عليكي مش سهلة يا مي.. انا محمد صديق حبيبة من امريكا"
مي:" مانتي ليكي اصدقاء ولاد اهو يا حبيبة.. اشمعني بتتخانقي معايا انا"
حبيبة:" انتي تخرسي خالص! كمان ليكي عين تتكلمي ؟؟!"
محمد:" سيبك منها يا مي احكيلي انا ايه اللي حصل.. سليني الطريق طويل"
مي:" دول اصلا مش اصحابي انا، دول اصحاب رامي بس مش من مدرستنا"
محمد و حبيبة في نفس النفس:" رامي مين؟؟؟"
حكت لهم مي ان رامي هو (انتيمها) و الذي اتضح الليلة انه يحبها! والحفل كان بناسبة عيد ميلاده، وكان يجب ان تحضره فلذلك تسللت من البيت.. اما صديقتها سارة التي اصطحبتها في سيارة فتي ما لا تعرفه.. لم تجدها حين ارادت الرحيل، لماذا ارادت الرحيل؟! لان رامي بيه اعترف لها بحبه ، ولما طلبت منه ان يظلا اصدقاء.. غضب بشدة وصاح فيها ثم تركها و اخبر جميع الموجودين القصة بالعكس، انها هي من اعترفت له بحبها وانه رفضها.. وسلط شلة اصحابه من النادي ان تتسلمها سخرية حتي بكت ودخلت الي الحمام وبقيت هناك..
كان كل ما تحكيه لهو صدمة علي حبيبة و محمد، ولكن اختلف ردي فعلهما..
حبيبة منفعلة:" انتي تستاهلي اكتر من كده، اللي حصل الليلة ده غلط.. انتي مبتعرفيش الصح ملغلط؟!!"
مي في حدة:" ايه بقي اللي انا عملته غلط؟!!!"
اما محمد فقد تظاهر بعدم التأثر وقال:"مي انا مستعجب بصراحة ، اصلك باين عليكي بنت ذكية واكيد تعرفي السر الكبير"
مي:" مش فاهمة؟ ايه السر الكبير ده؟"
محمد:" انتي متعرفيش السر الكبير.. دا السر اللي بيخلي الاولاد يعرفا ينيموا اهلهم تنويم مغناطيسي ويوافقوا علي كل حاجة"
مي:" في حاجة اسمها كده.."
محمد:" ايوة ، حاجة اسمها الثقة.. كل ما تكسبي نقطة في ثقتهم، كل ما يسمحولك بحجات اكتر ، لحد ماهتلاقي كل الـ"اوبشنز: مفتوحة قدامك"
مي باهتمام وقد اغرتها النتيجة النهائية:" يعني ازاي؟"
محمد:"يعني تفتكري لو اهلك عرفوا انك خرجتي من وراهم و ركبتي مع صحبتك وواحد متعرفيهوش،عشان تروحي تسهري لحد دلوقتي في عيد ميلاد واد اي كلام طلع عيل معاكي، وانتي معترفة بكدة.. تفتكري ايه اخبار ثقتهم فيكي ساعتها؟؟! هتتراجع ، يعني (الاوبشنز) المفتوحة دلوقتي هتقل.. صح؟"
لم ترد مي ولكنها كانت تنصت باهتمام وانبهار
وايضا حبيبة كانت مبهورة بأداءه مع مي، كيف سحر عقلها وفتحه امامه لكي يلقي فيه بكل ما يرغب من نصح دون ان تعي.. ظلت تستمع لباقي كلامه مع مي وتشاهد ردود افعالها الايجابية.. انها ولاول مرة تحدث امام عين حبيبة توافق مي شخص علي شيء.. كم سيكون ابا جميلا..
وصلوا للبيت مع نهاية حوار مي و محمد وقد بدت علي وجه مي ابتسامة رضا، اما محمد فقد مد يده ليسلم علي حبيبة واطال في السلام قائلا بابتسامته الساحرة:"انا مبسوط اوي انك اتصلتي بيا انا في الموقف ده..حبيبة انا لازم اشوفك بكرة..لو سمحتي قابليني!"
حبيبة وقد شعرت ان الدنيا تلف بها من جراء احتضان يده ليدها:" حاضر"
صعدتا الاثنتان في خفة ودخلتا الي البيت متسحبين ، دخلت كل منهما الي حجرتها وبعد ان دخلت حبيبة الي السرير.. وجدت مي تدخل الغرفة وتندس معها تحت الغطاء..
مي:" انا اسفة يا حبيبة، انا كنت دايما رخمة معاكي.. بس انتي طلعتي جدعة معايا "
حبيبة:" انتي زي اختي يا مي.. نامي يالا"
مي:" هو محمد ده بيحبك؟"
حبيبة: ليه ؟"
مي وهي تدير ظهرها لها وتنزلق لتنام واضعة الغطاء علي كتفها:" شكله بيحبك.. انا حسيت كده.. سيبك من طارق، محمد احسن بكتييييير"
ثم راحت في نوم عميق..
ابتسمت حبيبة وانزلقت و راحت في النوم هي الاخري وهي تفكر به.. انه حقا رجلا بكل ما تحمله الكلمة من معني